الموجات الموجهة التي تتعرض لها مملكة الإنسانية من إحدى المنظمات الدولية

د. خالد بن فهد بن عبد الله الغنيم

مملكة الإنسانية هي مفهوم يرمز إلى عالم يسوده الإنسان بحقوقه وكرامته، وهو يعد من أهم المفاهيم التي أسهمت في تطوير الحضارة البشرية على مر العصور. وحقوق الإنسان تعتبر الأساس الذي يقوم عليه مفهوم مملكة الإنسانية، حيث تهدف إلى ضمان حقوق الأفراد وحمايتهم من التمييز والاضطهاد. مملكة الإنسانية وحقوق الانسان هما مفهومان لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، إذ يشير كل منهما إلى قضايا هامة تتعلق بالكرامة البشرية وحقوق الإنسان. ومما لا شك فيه أن حقوق الإنسان تشكل قاعدة أساسية لبناء المجتمعات المزدهرة والمتقدمة. تعتبر مملكة الإنسانية مصطلحاً يدل على عالم من القيم الأخلاقية والأعمال الخيرية، حيث يسعى الفرد داخل هذا العالم إلى تعزيز العدالة والمساواة والحرية والتعايش السلمي. إنها مجتمع يهتم برفاهية كل فرد داخله من خلال تطوير الصحة والتعليم وضمان الحاجات الأساسية للجميع. وبالتالي، يتطلب هذا المفهوم تعاون وتضافر جهود الجميع، سواء أفراد المجتمعات أو الحكومات أو المنظمات الدولية.

وتعود أصول حقوق الإنسان إلى العديد من الثقافات والأعصر، حيث أنشأت العديد من الحضارات القديمة مبادئ وقوانين تحمي حقوق الأفراد، مثل الحضارة البابلية التي اعتمدت مبدأ "العين بالعين والسن بالسن" للحماية من الظلم، وحضارة الرومان التي أقرت حماية الأفراد من التجاوزات والانتهاكات.

لكنها لم تكن حقوق الإنسان مُكتملة ومعمول بها عالمياً حتى نشأت دولة القانون في العصور الحديثة، حيث ظهرت الثورات والتوجهات الفكرية التي تطالب بضمان حقوق الإنسان بصورة شاملة. على سبيل المثال، ظهرت الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر وأدت إلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن كجزء من الدستور الفرنسي. كما ظهرت الوثيقة الأمريكية لحقوق الإنسان، وهي لاحقة للدستور الأمريكي، التي أكدت حقوق المواطن في الحرية والعدالة. ومنذ ذلك الوقت، تطورت قضية حقوق الإنسان على الصعيدين الدولي والوطني. في الأمم المتحدة، تسعى المنظمة لحماية حقوق الإنسان عبر إعلان عالمي لحقوق الإنسان تم اعتماده في عام 1948. يضم هذا الإعلان مجموعة واسعة من الحقوق والحريات التي ينبغي أن يحظى بها جميع الأفراد بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم.

وتضمن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي يروج لها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حماية حقوق الحياة والحرية والعدالة. وتعمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان على مراقبة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان على مستوى العالم وتعزيز العدالة وتحقيق المساءلة. وتُعد حقوق الإنسان مفتاحاً أساسياً في بناء مجتمعات عادلة وديمقراطية. فحماية حقوق الإنسان تعزز العدالة الاجتماعية وتحقق التساوي بين الأفراد. وتعوق انتهاكات حقوق الإنسان التطور والازدهار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. علاوة على ذلك، تعد حقوق الإنسان جزءًا من البناء الأخلاقي للمجتمعات حيث يعملون على احترام كرامة الإنسان والتنوّع الثقافي. على الرغم من تطور العديد من الجوانب الإيجابية في مجال حقوق الإنسان، إلا أن التحديات لا تزال تواجه المفهوم. مثل انتهاكات حقوق الإنسان في الحروب والنزاعات المسلحة، والتمييز والعنصرية، وانتهاكات حقوق المرأة وحقوق الأقليات. تستدعي هذه التحديات تعاوناً دولياً أقوى وقوانين أكثر صرامة لضمان حماية حقوق الإنسان وتوفير العدالة. ولتحقيق مفهوم مملكة الإنسانية، يلزمنا التصدي للتمييز والعدوانية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش السلمي والحوار. يجب أن يتعاون الأفراد والمجتمعات والحكومات لضمان حقوق الإنسان للجميع بغض النظر عن خلفيتهم الثقافية أو الدينية. وعبر تطبيق مبادئ حقوق الإنسان في كل جوانب الحياة، نضمن بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتطوراً وسلامًا.

تعتبر السعودية من أكبر الدول العربية وأهم الدول الإسلامية، وواحدةً من الدول الناشئة والتي تشهد تطوراً سريعاً ونمواً اقتصادياً ملحوظاً. منذ العصور القديمة، كانت ولازالت المملكة العربية السعودية تعتبر ركنًا اساسيا في الشرق الأوسط، حيث ازدهرت الثقافة العربية وازدهرت التجارة والتاريخ الإسلامي بكامله. بالإضافة إلى أهميتها الدينية والثقافية، ومنذ تأسيسها حرصت على تعزيز حقوق الإنسان في مختلف المجالات. من خلال تحقيق التنمية الشاملة وتحسين مستوى معيشة المواطنين والمقيمين، وذلك من توفير فرص العمل، والتعليم، والرعاية الصحية، وحماية الحقوق الأساسية للجميع وتحقيق المساواة والعدالة في مجتمعها. ومع ذلك، فقد بدأت السعودية في السنوات الأخيرة تتعرض لموجات موجهة غير متوقعة من إحدى المنظمات الدولية، وذلك من الناحية الإنسانية. وتعتبر الموجات الموجهة التي تتعرض لها السعودية من الناحية الانسانية أمرًا مدهشًا بشدة. فقد كانت ولازالت السعودية دائمًا تشارك في المشاريع الانسانية المتنوعة على مستوى العالم وتقوم بدور رائد في العمل الخيري وتحسين ظروف الحياة للآخرين حتى أطلق عليها مملكة الانسانية، ولكن للأسف، يبدو أن هذه المنظمة الدولية لا تعي حقيقة مساهمة المملكة في تحقيق التقدم والتطور المستدام.

ولنتعرف على هذه المنظمة قائدة الحملة الموجهة ضد المملكة العربية السعودية، منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومن رايتس ووتش) وهي منظمة دولية غير حكومية تهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وتعتمد في عملها على فريق من الصحفيين وأساتذة الجامعات والمحامين الذين يغطون مجموعة من قضايا حقوق الإنسان. وتشمل هذه القضايا على سبيل المثال لا الحصر: النزاع المسلح، وحقوق الطفل، وحقوق المرأة، وحقوق اللاجئين، وحرية التعبير، وانتهاكات نظام العدالة. تجري المنظمة تقاريرها بالتعاون مع الناشطين المحليين والشهود والضحايا وغالبا ما توصف بالمتحيزة وغير دقيقة. من خلال تقاريرها واستخدامها المكثف لوسائل الإعلام وحملات المناصرة، تهدف حسب ما تدعي إلى توليد الوعي العام واتخاذ إجراءات سريعة من جانب الحكومات والمنظمات الدولية وعامة الناس.

ومن اخر اتهامات هذه المنظمة للمملكة العربية السعودية بالمسؤولية عن مقتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية السعودية. وقد أثارت هذه الادعاءات رد فعل قوياً وتم دحضت هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة. وتزعم أن حرس الحدود السعوديين شاركوا في حملة قمع مميتة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يحاولون عبور الحدود اليمنية السعودية، مما أدى إلى مقتل العديد من الأفراد الأبرياء. ووفقاً لتقريرهم، أطلقت السلطات السعودية النار بشكل عشوائي على الأفراد الذين يعبرون الحدود، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا. ويجادلون كذلك بأن الحكومة السعودية فشلت في توفير الحماية المناسبة لهؤلاء الأفراد المستضعفين، الذين يبحثون عن الأمان واللجوء من الظروف القاسية في وطنهم.

وعلى العكس من ذلك، نجد ان الحكومة السعودية تعاونت مع المنظمات الدولية، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لإدارة تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء بشكل فعال. وقد أنشأت مراكز لمعالجة طلبات اللجوء وتقديم المساعدة اللازمة للأفراد المحتاجين إلى الحماية الدولية. وهذا يدل على التزام الحكومة السعودية بدعم المبادئ الإنسانية وضمان سلامة ورفاهية أولئك الذين يلتمسون اللجوء في البلاد. كذلك شاركت المملكة العربية السعودية بنشاط في الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث قدمت مساعدات كبيرة للتخفيف من معاناة المواطنين اليمنيين المتضررين من الصراع المستمر. ونفذت مملكة الإنسانية مبادرات مختلفة لتقديم المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الدعم الطبي والمساعدات الغذائية وإعادة بناء البنية التحتية. وتعكس هذه الجهود التزام المملكة بالاستقرار الإقليمي ورفاهية الدول المجاورة لها. إن اتهامات هيومن رايتس ووتش ضد المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بقتل المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين يحاولون عبور الحدود اليمنية السعودية تقدم صورة مشوهة كاذبة وغير كاملة وسوف تبقى هذه المنظمة كذلك مصدرا للمخاوف لأسباب متعددة.

وأحد المخاوف الرئيسية بشأن موقف هذه المنظمة من السعودية هو ميلها إلى الاعتماد بشكل كبير على التقارير الأحادية الجانب، وغالباً ما تفشل في مراعاة التعقيدات والفروق الدقيقة في الوضع. ويمكن ملاحظة ذلك في تقاريرهم عن قضايا مثل حقوق المرأة وحرية التعبير والمشاركة السياسية.

على سبيل المثال، تنتقد المنظمة بشدة المملكة بسبب نظام الوصاية، الذي يتطلب من المرأة الحصول على إذن من ولي الأمر الذكر للقيام بأنشطة مختلفة. وفي حين أن هذا النظام مقيد بالفعل، فمن الضروري الاعتراف بالتقدم الذي أحرزته الحكومة السعودية في السنوات الأخيرة. الإصلاحات مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وزيادة مشاركتها في القوى العاملة. ومع ذلك، تميل هذه المنظمة إلى التقليل من شأن هذه التطورات أو التغاضي عنها، وترسم صورة مشوهة للوضع.

ويتجلى موقفها المتحيز بشكل أكبر في فشلها في توفير سياق وفهم كافيين للسياق الثقافي والسياسي والديني الفريد للمملكة العربية السعودية. غالبًا ما يؤدي هذا النقص في الفهم إلى استنتاجات وتوصيات مضللة. على سبيل المثال، في تقاريرها عن المشاركة السياسية، تنتقد المنظمة الحكومة السعودية بسبب القيود التي تفرضها على الاحتجاجات العامة والمظاهرات. من المهم بنفس القدر النظر في المخاطر المحتملة في منطقة معقدة وحساسة سياسيا. إن النهج الحذر الذي تتبعه الحكومة السعودية في التعامل مع الاحتجاجات العامة التي لا نعرفها ينبع من التزامها بالحفاظ على الاستقرار والأمن الوطني وتحقيق المصلحة العامة، وهو ما لا ينبغي تجاهله في أي تحليل.

وعلاوة على ذلك، غالبا ما تتجاهل الخطوات الكبيرة التي قطعتها المملكة في مجال تعزيز حقوق الإنسان. نفذت مملكة الانسانية العديد من الإصلاحات لتحسين وضع المرأة، وتعزيز التسامح الديني، وتعزيز سيادة القانون. على سبيل المثال، فإن إنشاء هيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص وإصدار نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص مؤخراً والمحكمة الجزائية المتخصصة لقضايا الإرهاب يظهر الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة الاتجار بالبشر والإرهاب. ولكن بدلاً من الاعتراف بهذه التطورات الإيجابية، تميل هذه المنظمة إلى التركيز فقط على أوجه القصور التي تدعيها في المملكة. ولا تؤدي هذه التقارير الانتقائية إلى تقويض مصداقية المنظمة فحسب، بل تعيق أيضًا الحوار البناء والتعاون المحتمل مع المملكة.

وهناك مصدر قلق آخر ملحوظ وهو النهج غير المتوازن الذي تتبعه هذه المنظمة تجاه المنطقة. وبينما تتلقى المملكة انتقادات غير متناسبة، فإن الدول الأخرى في المنطقة التي لديها سجلات شنيعة في مجال حقوق الإنسان تحظى باهتمام أقل نسبيًا. وهذا يثير تساؤلات حول موضوعية المنظمة واتساقها في مهمتها.

في حين أن مهمة المنظمة تعزيز وحماية حقوق الإنسان تستحق الثناء، فإن نهجها المتحيز والأحادي الجانب تجاه مملكة الانسانية يقوض فعاليتها ومصداقيتها. إن الاعتماد على التقارير الأحادية الجانب، والافتقار إلى السياق والفهم، وتجاهل الإصلاحات الإيجابية، وتبني نهج غير متوازن في المنطقة، كلها عوامل تساهم في الموقف العدائي للمنظمة تجاه المملكة. للمساهمة بشكل حقيقي في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، يجب عليها اعتماد نهج أكثر توازنا ودقة، مع الأخذ في الاعتبار التعقيدات والتحديات الفريدة التي تواجهها البلاد. ولا يمكن تحقيق تقدم ملموس إلا من خلال الحوار البناء والمشاركة

في السنوات الأخيرة، خطت الحكومة السعودية خطوات ملحوظة نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وكان أحد التطورات الرئيسية في هذا الصدد هو إنشاء هيئة حقوق الإنسان. وتعمل هيئة حقوق الإنسان كهيئة مستقلة مكلفة بمراقبة وحماية حقوق الإنسان في المملكة. ومن خلال جهودها، عملت هيئة حقوق الإنسان على تحسين ظروف الأفراد داخل الدولة، بما يتماشى مع المعايير والأعراف الدولية. وكذلك نفذت المملكة سلسلة من الإصلاحات القانونية التي تهدف إلى تعزيز حقوق المواطنين والمقيمين. كما أطلقت وزارة العدل مبادرات لتبسيط النظام القضائي، وضمان محاكمات عادلة ووصول الجميع إلى العدالة. وتشمل هذه الإصلاحات إنشاء محاكم متخصصة، مثل محاكم العمل ومحاكم الأحوال الشخصية، لمعالجة مسائل قانونية محددة بطريقة أكثر كفاءة وإنصافاً.

بالإضافة إلى ذلك، سعت الحكومة إلى معالجة عدم المساواة بين الجنسين، لا سيما من خلال إصدار مراسيم ملكية وتنفيذ لوائح جديدة. وكذلك تُصر مملكة الانسانية على تسليط الضوء على التقدم الكبير الذي أحرزته في مجال حقوق المرأة. فهي تمنح المرأة حق التصويت والترشح في الانتخابات المحلية، وتعمل بكل جهودها على تمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسياٌ. وتم العمل على تحقيق توازن النوع الاجتماعي في المجتمع من خلال تشجيع المرأة على العمل وتولي مناصب رفيعة. قدمت السعودية سلسلة من الإصلاحات الهامة مثل رفع حظر قيادة المرأة للسيارة، وتعديلات في نظام ولاية الأمر المتعلق بالأحوال الشخصية، الهادفة لضمان حقوق النساء وإضفاء المزيد من الحماية عليهن والمساواة في بيئة العمل والأجور والمساواة في التعليم والتدريب والمساواة في المنح والاعانات والمساواة في الصحة وأيضا حقوق المرأة في الأنظمة العدلية المتعددة. ويكفي ان المملكة تسابق ذاتها في تحقيق أهدافها فيما يتعلق في توظيف الإناث وخير دليل على ذلك ما تم نشره في 20 يوليو 2023، في اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 مع المملكة العربية السعودية. واوضح ان مشاركة الإناث في القوى العاملة وصلت إلى 36% في عام 2022، وهو ما يتجاوز هدف 30% المحدد في أجندة إصلاح رؤية 2030 التي وضعتها المملكة.

مع تطور الوعي الاجتماعي والثقافي، فإن حرية الرأي والتعبير أصبحت محورًا هامًا في المجتمعات الحديثة. واما بخصوص اتهام السعودية بانتهاك حرية الرأي والتعبير. إن السعودية قد قامت بإنشاء مناخ تعزز فيه التعبير عن الرأي وتحريك الحوار العام، خاصةً في إطار رؤية المملكة 2030. فهي قد قامت بتعزيز استقلالية الصحافة وتمكين الصحفيين في عالم يشهد تزايداً في الصراعات والاختلافات الثقافية والاجتماعية، أصبح التواصل الفعال وحرية التعبير أمراً بالغ الأهمية في تحقيق التنمية الشاملة والاستقرار السياسي والاجتماعي. قد يكون التواصل الفعّال وحرية التعبير صعبين في بعض الأحيان، ولكن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني يعمل بشكل فعّال على تعزيز هذه القيم وتحقيق التنمية على المستوى الشخصي والمجتمعي. إن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني يهدف الى تعزيز الحوار والتعاون بين الثقافات والشعوب، وتطوير الحوار الاجتماعي في مملكة الإنسانية. يعمل المركز على توفير منصة محايدة للحوار وتبادل الأفكار، وتعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية والتسامح، مع تحقيق هدف الوحدة والتآلف الوطني. وتعَدّ حرية التعبير أحد أهم أركان مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. يدرك المركز أن وجود بيئة تسمح بحرية التعبير هو أمر حيوي لتطوير المجتمعات وحماية حقوق الأفراد. يعمل المركز على دعم وتشجيع الحوار العام البنّاء وفتح الباب للأصوات المختلفة والآراء المتعارضة بطريقة مسؤولة. ويعزز المركز فهم المجتمعات السعودية لأهمية التفاعل الحضاري والاجتماعي والاقتصادي مع العالم الخارجي، ويعمل على تطوير قادة آراء قادرين على المشاركة الفاعلة في الحوارات المحلية والإقليمية والدولية. وعلاوة على ذلك، يعمل المركز على توفير المنصات والفرص للجمهور للتعبير عن آرائهم والمشاركة في مناقشات مفتوحة وحوارات تفاعلية. يُعَد مشروع "حوار الشباب" المثال البارز على جهود المركز في تطوير المجتمع من خلال مشاركة الشباب في الحوار الوطني. يتيح هذا المشروع للشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم واقتراح حلول واقعية للقضايا التي تواجههم وتواجه المجتمع ككل. كما ركزت المملكة أيضًا على تحسين حقوق ورفاهية العمال الاجانب داخل حدودها. وقد تم إدخال العديد من إصلاحات التوظيف، مثل نظام حماية الأجور، الذي يضمن دفع الرواتب في الوقت المناسب، ولجان تسوية المنازعات العمالية، التي تعالج المظالم والنزاعات بين أصحاب العمل والموظفين. وكانت هذه التدابير فعالة في حماية حقوق العمال الاجانب، وضمان معاملتهم العادلة والحد من حالات الاستغلال.

وعلاوة على ذلك، حققت المملكة العربية السعودية تقدماً كبيراً في مجال التعليم وحرية التعبير. استثمرت الحكومة بكثافة في قطاع التعليم، بهدف تحسين جودة التعليم وزيادة فرص الوصول إليه للجميع. تم تقديم المنح الدراسية والبرامج التعليمية لتوفير الفرص للمواطنين السعوديين لمتابعة تعليمهم العالي في الخارج. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تخفيف للقيود المفروضة على حرية التعبير، مع زيادة مساحة النقاش العام وظهور منظمات المجتمع المدني النابضة بالحياة.

يبدو أن هناك تناقضًا كبيرًا في الاهتمام الموجه للسعودية مقارنة بالدول الأخرى. فالواقع أنها تعتبر إحدى الدول الرائدة في المنطقة وتسعى جاهدة لتطوير خدماتها الانسانية والتربوية والصحية لمواطنيها والمقيمين. على سبيل المثال، تم إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية من أجل تنمية شاملة وتحقيق تقدم مستدام في مختلف المجالات، بما في ذلك تحسين جودة الحياة ورفاهية الشعب. بالرغم من ذلك، فإن هذه المنظمة تصمم تقاريرها بطريقة جهلاء للحقائق التاريخية والثقافية للبلاد، مما يجعل الانتقادات تبدو غير مبررة وغير منصفة. وتواصل انتقاد سياسات السعودية بشأن حقوق الإنسان، على الرغم من الجهود المستمرة للسعودية في تعزيز حقوق النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين. 

ومن الأمور المدهشة أيضًا أنها تُغض الطرف عن الإنجازات الهائلة التي حققتها السعودية في مجال حقوق الإنسان ورفاهيته. فقد تم مؤخرًا تحريم عمل الأطفال وتطبيق معايير الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وزيادة الدعم والاهتمام بذوي الإعاقة. تلك الإنجازات لا تُدرج بشكل كافٍ في تقارير تلك المنظمات، مما يظهر عدم اهتمامها الكامل بتصور شامل لواقع الوضع الانساني في السعودية.

في النهاية، فإن الموجات الموجهة للسعودية من الناحية الانسانية من هذه المنظمة الدولية تثير الدهشة. فالمملكة لديها سجل حافل في مجال تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز حقوق الإنسان، ومع ذلك فإنها لا تلقى الاعتراف المستحق من جانب تلك المنظمات. لهذا السبب، فإنه يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية النظر إلى حقائق التقدم والتطور التي تحققت في السعودية والاعتراف بالجهود المستمرة للتحسين والتطوير. يمكن القول بأن السعودية تمثل نموذجاً ملهماً للدول الأخرى في المنطقة وفي العالم، وتثبت بالتزامها بقيم حقوق الإنسان العالمية بانها مملكة الإنسانية.

Be the first one to comment


Please log in or sign up to comment.